الجمعة، مارس 19، 2010

بعض المثقفين المصريين لا يهمهم كثيرا أن بفهموا النفسيه السودانيه!

رغم أهمية السودان لمصر والعكس، وأعنى بالتحديد من يدعون معرفة بالسودان أو من يدعون تخصصا فى شئونه، فقد ظللنا نتحين الفرص على قلتها لكى نوضح ونجهر بصوتنا ونحن نعرف مشاكل بلدنا وكيف تحل تلك المشاكل، بأن مشروع الدوله الدينيه فى السودان هو من أكبر المعوقات التى قد تؤدى لأنفصال الجنوب عن الشمال فى نهاية المطاف، وكان قولنا يقابل بالأستخفاف والأزداراء وعدم الأهتمام.

وقلنا أن الأتفاق بين الحركة الشعبيه والمؤتمر الوطنى بالأبقاء على القوانين الاسلاميه فى الشمال والعلمانيه فى الجنوب، كان ثمنه غاليا وهو اضافة بند حق تقرير المصير كما افاد الدكتور/ منصور خالد، وحتى هذا الأتفاق كان (فقط) للفترة الأنتقاليه المحدده بست سنوات لا ما دامت السموات والأرض، ويجب ان يتم تغيير تلك القوانين بعد انتهاء الفتره الأنتقاليه حيث لا يمكن عمليا ان يطبق قانونان فى بلد واحد الا اذا كان الناس يسعون من البداية للأنفصال فى المستقبل فالتعقيدات تظهر جليه بصورة أكبر فى عاصمة الدوله الواحده وهل تطبق القوانين فيها بصورة انتقائيه أم تسود قوانين الشريعه من منطلق خاطئ يقول أن غالبية السودانيين من المسلمين، وهذا يعنى أن يقبل المسيحى (صاغرا) بالمعامله كمواطن من الدرجة الثانيه فى عاصمته حتى لو كان وزيرا أو نائبا لرئيس الجمهوريه.

ومن زاوية أخرى نتساءل هل يمثل المؤتمر الوطنى كافة السودانيين على اختلاف احزابهم وافكارهم ؟

وهل استفتى المسملون فى الشمال عن رغبتهم فى أن يحكموا بقوانين دينيه أم لا؟

فالسودانيين عامة شمالا وجنوبا مسلمين ومسيحيين لا يرغبون فى قوانين دينيه ولولا ذلك لما حصل حزب الجبهة القوميه الأسلاميه فى آخر انتخابات ديمقراطيه حره عام 86 على 700 الف صوت فقط لا غير وهو يضع الاسلام شعارا وضمنه اسمه على غير ما هو حاصل الآن حيث يخوض الأنتخابات تحت أسم (المؤتمر الوطنى).

والسودانينون هم أكثر من اكتوى بالقوانين الدينيه، واذا كان باقان أموم والحركه الشعبيه يضعون شرطا لبقاء السودان موحدا باقرار علمانية الدوله على نحو صريح، فأن اخوانهم فى الشمال يتفقون معهم تماما لكن من أجل الا يستفز اصحاب النظرات الضيقه والظلاميون، فانهم يلطفون الجو ويدعون للدوله المدنيه أو دولة المواطنه التى تساوى بين الناس جميعا دون تمييز بسبب الدين.

وما هو تعريف الدوله التى لا تميز مواطنيها بحسب دينهم غير انها دوله (علمانيه)؟

وقلنا فى أكثر من سانحه .. فى السودان نريد حاكما (متدينا) ايا كان دينه يخشى فينا الله ويحارب الفساد والمفسدين والمحسوبيه ، لكننا نرفض الدوله (الدينيه) وهذا فرق كبير.

للأسف ظل صوتنا يقمع ويكبت تحاشيا للحوار حول هذا الموضوع الهام وتمنح الفرص للمتشددين الذين ساهموا فى نفرات الجهاد فى اقبح سنوات الأنقاذ وفى قتل الأطفال فى معسكرات التجنيد، ولهذا فاذا وقع الأنفصال بين الجنوب والشمال وهذا خطرسوف يؤثر على السودان ومصر، فالمسوؤل بالدرجة الأولى نظام الأنقاذ والمؤتمر الوطنى وفى الدرجة الثانيه الأعلام العربى والمثقف العربى الذى ظل يتواطأ على السودان وعلى مصالحه طيلة فترة حكم الأنقاذ ولا ندرى ما هو السبب فى ذلك؟

فحتى الدول التى ترفض ان يحكمها الاسلام السياسى وهو تعيبر ملطف (للأخوان المسلمين) ظل اعلامها يدعم ويساند مثل هذه التنظيم فى السودان الذى لا يطبق الشريعه الأسلاميه الا حينما يقبض على مسلم أو مسيحى يحتسى الخمر فى شوارع الخرطوم أو عندما ينتهك حياء أمراة بالتفتيش عن زيها الذى ترتديه فتتعرض للجلد وللأذلال والأهانه فى مخافر النظام العام.

وللأمانه أشهد ويشهد معى الكثيرون بأن الشارع فى مصر بل حتى فى كثير من الدول غير الأسلاميه منضبط بصورة كبيره وهذه وحده يكفى وهذا ما نريده، حيث لا يعلم سرائر العباد الا رب العالمين.

آخر كلام:-
الشاعر المصرى فاروق جويده .. شاعر نحب شعره كثيرا بل ندمن قراءته ونستشهد بقصائده، وليته أكتفى بكتابة الشعر لأن معلوماته عن السودان تساوى (صفر) كبير!

الخميس، مارس 18، 2010

مبارك الفاضل حفيد المهدى .. لا للدوله الدينيه تانى فاضل شنو ؟!

عزيز أنت يا وطنى برغم قساوة المحن.             



هذا الشعب السودانى العظيم البطل يمرض ولكن لا يموت، وفى كل مرة وبعد أن يصيب الناس الياس والأحباط يهب من غفوته ويؤكد للعالم بأنه فعلا يمرض ولا يموت.

من قبل وبعد 16 سنه من حكم جعفر النميرى الشمولى الديكتانورى وتحت ظل أحد اقوى الأجهزة الأمنيه فى المنطقه وبعد انتفاضة ابريل مباشرة شكلت محاكمه للواء عمر محمد الطيب النائب الأول لرئيس الجمهوريه ورئيس جهاز الأمن القومى (الأسبق) وبعض معاونيه فى قضية تهريب اليهود الفلاشا من السودان لأسرائيل، وقتها كان يزور السودان وفد حقوقى وقانونى مصرى مكون من اساتذة اجلاء وخبراء قانونيين، فذهلوا من تلك المحكمه التى وقف امامها رئيس المجلس العسكرى (سوار الذهب) وأدى التحية العسكريه احتراما للقاضى وللمحكمه وأدلى بشهادته وهو وقتها يعتبر (رئيس الدوله)، وعلق الأساتذه القانونيون المصريون مذهولين قائلين :

"هل يعقل ان تعقد مثل هذه المحكمه وعلى هذه الدرجة من العداله والمهنيه والثقافة القانونيه فى بلد كان محكوم لمدة 16 سنه بنظام ديكتاتورى"؟

وبالأمس وخلال ندوة السيد/ مبارك الفاضل المهدى شعرت بالفخر والأعتزاز للشجاعه والطريقه التى قدم بها السيد مبارك نفسه وأنتقد نظام الأنقاذ ولم يترك له شيئا مستغلا مساحة الحريه المتاحه لأول مره بصورة حقيقيه لا كما كان يظن الكثيرين فى السابق وكنت اختلف معهم واقول لهم ما هو متاح مقبول للنظام الحاكم ولولا ذلك لما سمح به.

فالسيد/ مبارك الفاضل بالأمس مثل (ضمير) الشعب السودانى العظيم، وقال ما لم يكن يقال الا خارج الوطن عن فساد معروف وبالتفاصيل الدقيقه خاصة ما اورده عن البنوك والفساد الذى لم يحدث فى تاريخ السودان من قبل.

ومن هنا ارسل التحايا الحاره والتقدير الأكيد للرجال والنساء مفكرين وصحفيين الذين شاركوا فى تلك الندوه داخل السودان وتحدثوا بشجاعه منقطعة النظير دون خشية أو وجل.

وفى اعتقادى الخاص ومن يشاركنى فى هذه الرؤيه، ودون شك جال بذهنهم الكثير من الخواطر والأسئله، منها على سبيل المثال لو سمح النظام بمثل هذه الديمقراطيه من قبل اما كفانا شرالمحكمه الجنائيه والبحث عن العداله بعيدا عن حدود الوطن، ولأخترنا ان يحاكم المتهمين امام محاكم سودانيه طالما انها توفر العداله فى جو ديمقراطى حقيقى؟

ومنها الا يشعر حتى المؤيدين للأنقاذ خاصة من ابناء الفترة الأنقاذيه الذين لم يتذوقوا طعم الديمقراطيه من قبل على قلتهم بأن الديمقراطيه تشعر الأنسان بكرامته وعزته ومكانته وانه انسان حتى لو لم توفر له الخبز؟

الا يستحق منا الشهداء الأبرار الذين قدموا للفداء انفسهم بايديهم وجعلوا مثل هذا اليوم ممكنا، وأن يجهر مبارك الفاضل حفيد المهدى من خلال قناة سودانيه، داخل السودان (بلا) داويه للدوله الدينيه التى سوف تؤدى لأنفصال الجنوب وتهدد وحدة البلاد كله وتجعل منه (صومال) جديد؟

نعترف كنا فى السابق نعارض مواقف السيد/ ميارك الفاضل، ونعارض مواقف السيد / الصادق المهدى، لكن من حقهم علينا الآن ان نشيد بمواقفهم الصلبه المنحازه للحق دون تسويف فى هذه اللحظات التاريخيه الحاسمه من عمر الوطن، وفى ذات الوقت ندعو باقى القوى السودانيه فى الأحزاب والحركات ان تحذو نفس الحذو حيث لا زعامه ولا أحترام ولا مكانه لقائد لا يشعر بالمخاطر التى تهدد الوطن فى هذه المرحله، وكل من يغرد خارج السرب سوف يعزل نفسه وسوف يسئ لتاريخه وتاريخ حزبه.

وكل سودانى لا ينكر ذاته ومطامحه الشخصيه وينسى خلافاته ويتسامى فوق جراحاته وخصوماته هذه الأيام، ولا يعمل من أجل أن يبقى الوطن سالما وآمنا وموحدا فهو (خائن) لهذا الوطن ولتاريخه ولأنسانه العظيم الذى يستحق كل تضحية.

وهذه سانحه ندعو فيها الحركات الدارفوريه وفى مقدمتها حركة العدل والمساواة التى لا ينكر أحد انها الأقوى أن تتبنى نهجا يسمح بجمع كافة الحركات الدارفوريه فى بوتقة واحده وتحت مسمى جديد لا يعزل احدا ولا يقلل من شان حركه وأن تسحب البساط من تحت اقدام المؤتمر الوطنى وأن تفرض شروطها العادله التى تعيد لأهل دارفور أمنهم وسلامتهم وتعيد لهم حياتهم الطبيعيه فى مدنهم وقراهم وأن يصبحوا جاهزين للمشاركه فى الأنتخابات.

وعلى ذكر الأنتخابات فان ما يردده المؤتمر الوطنى ومن يريدونه جاثما على صدر الوطن بصعوبة تأجيل الأنتخابات اذا كانت هنالك ضرورة لذلك يجافون الحقيقه ولا ينظرون للأمور ابعد من تحت اقدامهم، فطالما تم تأجيل الأنتخابات فى دارفور وفى جنوب كردفان يمكن كذلك تأجيل الأنتخابات فى كافة انحاء السودان وفق اتفاقية نيفاشا نفسها وبرضاء الشريكين، مع استثناء للجنوب حتى يمارس اهله حقهم المشروع فى الأستفتاء فى وقته المحدد له والذى نتمنى ان يخرج لصالح الوحده الطوعيه التى يجب الا يفرط فيها أى سودانى بل يجب أن يعمل لها كل سودانى حر شريف ديمقراطى قلبه مبرأ من الحقد والغل وعقله سليم ومتوازن ولا يعانى من عقد.



مرة أخرى احى مبارك الفاضل المهدى على شجاعته وجهره بقول الحق (لا للدوله الدينيه) التى انتهكت باسمها اعراض الناس وأهين واذل شرفاء الرجال والنساء وشرد بسيف الصالح العام الخبراء فى جميع المجالات الذين تلقفتهم دول العالم الأول والثانى والثالث.



وأنه لأمر محزن ومؤسف ان يضطر السودانيون للقبول بمحاكمة نفر منهم فى الخارج بسبب عدم توفر العداله أو الجو المناسب لتحقيقها داخل السودان، وفى ذات الوقت يقع الأختيار على قاض سودانى ويوضع على قمة القضاء فى اماره متقدمه ومتطوره مثل دبى، حتى صدق المثل الذى يقول بأن زامر الحى لا يطرب أهله.

شكرا للسيد مبارك الفاضل وشكرا لكم بنى وطنى الشرفاء الأنقياء، فقد اثلجتم صدورنا بالأمس وأزلتم عنها حزن والم 20 سنه وسوف يبقى مكانكم دائما فوق الروؤس.

آخر الكلام:-

كلمات الشاعر (الحسين أونسه)

عزيز انت يا وطني برغم قساوة المحن

برغم صعوبة المشوار ورغم ضراوة التيار

سنعمل نحن يا وطني لنعبر حاجز الزمن

حياتك كلها قيم تتوج همة شماء

فكم فى الدرب من ضحو وكم فى الخلد من شهداء

الأربعاء، مارس 17، 2010

من هو الرئيس القادم فى السودان وما هى التحديات التى تواجهه (4)

ختمت مقالى السابق بمرورعابر وسريع على بعض التحديات التى سوف تواجه الرئيس القادم وهو بحسب القراءات العميقه والتحليلات المنطقيه سوف يكون سودانى غير (عمر البشير) الذى سوف تتسبب عودته لمقعد الرئاسة فى فصل الجنوب على اقل تقدير لا كما يعتقد بعض السطحيين سودانيين وغير سودانيين بأنه قادر على لم شمل الوطن وعلى المحافظه على امنه وأستقراره، ولا املك الا ان اردد لهؤلاء الحديث الذى يقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون).

وعلى كل فمن ضمن أهم التحديات التى تواجه الرئيس القادم، قضية هامة للغايه تتمثل فى كيفية العودة بالدوله السودانيه الى زمن الديمقراطيه والعداله والمساواة لتصبح دولة (المواطن) لا دولة (الحزب)، وليتها كانت كذلك هى فى الحقيقه كانت دولة (مجموعه) أو جماعه !!



والرجوع لدولة الموطن يعنى ان يصبح العلم والكفاءة والخبرة والأخلاق هى المرتكزات الأساسيه التى تحدد نيل هذا الشخص أو ذاك فى ظيفه (ما) عليا أو دنيا، دون النظر الى اى فوارق أخرى وهذا يعنى عدم التفرقة بين المواطنين بسبب معتقداتهم الفكريه أو الحزبيه أو الدينيه أو البايولوجيه أو الجهويه والأخيره هذه من اسوا واقبح افرازات عهد الأنقاذ.



ومن أهم الأسباب التى جعلت الفساد يستشرى ويزكم الأنوف خلال العشرين سنه الماضيه ان المعيار الذى كان يحدد من خلاله بقاء الشخص فى وظيفته أو اقصائه أو ترفيعه الى وضع أعلى ظل يعتمد على الولاء و(المظاهر) الدينيه الخارجيه للشخص أكثر من الأهتمام بما يعرف عنه من التزامات بالقيم والمبادئ والأنتماء للسودان كمواطن محب ومخلص لبلده ووظيفته.



وللأسف سيطر هذا الفهم الغريب على جميع المجالات الحيويه، وظائف سياديه، وظائف عليا، وظائف عاديه، نقابات، اتحادات، مجالات الأعلام والثقافه والرياضه والفنون، مستشارين فى السفارات .. الخ.



ولم يستثنى من هذا غير نفر قليل حمل السلاح وواجه النظام فسعى النظام لمصالحته باتفاقات لا تنفذ وببعض الوظائف، أو فئة قليله كانت تظهر نوعا من المعارضه فتم شراء صمتها بوظائف توفر لهم مكاسب ماديه وتعطى النظام مظهرا يجعل البعض يظن بأنه يتقبل الآخرين ويتيح لهم الفرص.



وهذا الجانب لا يمكن ان يعالج الا اذا صدر قرار رئاسى من اول يوم يعلن من خلاله الرئيس المنتخب بانه لا فرق بين السودانيين جميعا الا بما يمتلكه الشخص من علم وكفاءة وخبره واخلاص لوطنه ومواطنيه، اى كما ذكرنا الا يميز السودانيين بسبب انتماءتهم الدينيه أو العرقيه أو الجهوية أو بسبب النوع ذكر أم أنثى، ونحن فى السودان كنا سباقين للعديد من الدول فى منطقتنا وكان لنا شرف منح المرأة الكثير من الحقوق حتى وصلت الى قاضيه ووزيره بل وحكم كرة قدم!



الى أن حدثت الرده واصبحت المرأة تهان فى مجتمعنا وتذل ويتهجم عليها الرجال المهووسين فى اماكن الدراسه أو الترويح البرئ عن النفس ليفتشوا ان كانت ترتدى زيا محتشما أم لا ، ثم تؤخذ وتجلد دون شفقة أو رحمه!



لا أدرى هل يعقل ان يمنح اباء وامهات واقارب هؤلاء اصواتهم للبشير؟



وذكرت من ضمن التحديات الجسام التى تواجه الرئيس القادم، كيفية التعامل مع خدمه مدنيه وعسكريه (تأدلجت) وتسيست بالكامل حتى فى المواقع التى تمنع وتحرم (التسييس) مثل القوات النظاميه والسلك الدبلوماسى.



ولقد ضحكت مرة فى داخلى حينما التقيت صدفة بصديق بعد فترة طويلة من الزمن خارج الوطن يعمل فى احدى المؤسسات شبه الحكوميه الهامه ومعه رئيسه فى العمل وكنت اعرف جيدا بانه لا يربطه بالمؤتمر الوطنى أو (الحركة الأسلامويه) اى رابط من قريب أو بعيد، وقد منح وظيفه كبيره فى تلك المؤسسه بسبب المنطقه التى تربطه بأحد المسوؤلين، وقد اتى فى مهمة عمل، وشعرت بأنه لا يريدينى أن اتطرق فى حديثى الى جوانب ربما تكشف اتجاهه الفكرى (القديم)، ودون اى داع أو مناسبه ذكر متلعثما معلومات عن نفسه وعن شخص آخر لا أعرفه واضح انه قصد منها لفت نظر رئيسه (الأنقاذى) شكلا وموضوعا، فقال :-



(طبعا انا مؤتمر وطنى وزميلى فلان مؤتمر شعبى)!



لحظتها أدركت ما فعلته الأنقاذ ببعض السودانيين وكيف جعلت منهم منافقين يرضون بالذل والدنئيه من اجل لقمة العيش الهنية، وتذكرت عندها الحديث النبوى (رحم الله اهل مكة اما ايمانا صراح او كفرا صراح).



ومن التحديات التى تواجه الرئيس القادم كيفية التخلص من هذا الكم المهول من الوزراء ووزراء الدوله ومساعدى ومستشارى الرئيس بصورة تشبه حال مدرج جامعى فى كلية أدبيه مكتظ بالطلاب، ويزيد عددهم عن مجلس وزراء أكبر دوله فى العالم، واذا نظرنا لوزارة الخارجية وحدها نجد فيها 3 وزراء لكن المضحك والمبكى فى آن واحد أن وكيل الوزارة كما هو واضح تفوق صلاحياته صلاحية الوزير الأول!



والمضحك والمبكى كذلك ان منصب مساعد رئيس الجمهورية كبيرا أم صغيرا (دون أعباء) اصبح يقدم كحافز ضمن اول البنود للتوصل الى حل مع احدى الحركات أو التنظيمات التى تعارض النظام!



وهذه الترهل فى قمة السلطه التنفيذيه لا حل أو فكاك منه الا بالتفكير الجاد فى التحول الى نظام فدرالى يقسم السودان الى 5 أقاليم على الأقل، أقليم هو قائم وموجود فى الاساس وأعنى الأقليم الجنوبى يضاف اليه الأقليم الشمالى والشرقى والغربى والأوسط، وأن يتراضى أهل الأقليم ويتفقوا على عدد من الولايات والمحافظات التى تناسب احتياجاتهم الأداريه، وأن يصبح حكام الأقاليم الخمسه بمثابة المجلس الرئاسى الذى يمثل سيادة البلد وأن يتم تبادل الرئاسة بصورة دوريه بين الأقاليم لفترتين لا يزيد مجموعها عن 8 سنوات، بالطبع هذا كله لا يمكن ان يتحقق الا بالرجوع الى اتفاقية نيفاشا اذا اختار الجنوبيون الوحده فى 9 يناير 2011 واذا عمل الشماليون على ان تصبح الوحده جاذبه وخيارا اولا باسقاط مرشح المؤتمر الوطنى فى الأنتخابات.



وهذا كله دون شك يحتاج الى موافقة البرلمان الأتحادى وقبل ذلك الى ادارة حوار جاد مع المفكرين وأهل القانون والأدارة وعلم الأجتماع.



ومن التحديات التى تواجه الرئيس القادم اضافة الى المشاكل والأزمات المعروفه والتى تسببت فيها الأنقاذ والمتمثله فى اللجوء والنزوح والتشرد واعادة تعمير القرى التى احرقت أو ايجاد بديل لأهلها، هنالك مشاكل أخرى مثل التخلص من جيش العطاله والمتبطلين فى زمن تدنى فيه التعليم فى جميع مراحله من الأساس وحتى الجامعه، وكيفية معالجة التدنى فى مجال الصحه والتطبيب حتى اصبح السودانى يتجه نحو دول الجوار من أجل معالجة صداع بسيط؟



ومن اهم الجوانب والتحديات التى تواجه الرئيس الجديد، كيفية التخلص من ثقافة (الأتحاد الأشتراكى) والخطب الحماسيه والرئيس الملهم الذى لم تلد حواء غيره الذى يصعد المنابر ويتحدث عن انجازات عاديه تتحقق فى كل يوم فى مختلف بلدان العالم مثل افتتاح (جسر) أو (سد) أو انتصار عداء فى العاب القوى، فهذه الأنجازات والأنتصارات فى الأول يشرف عليها مختصون كل فى مجاله ويصرف عليها من مال الوطن الذى يجود به دافع الضرائب المواطن البسيط وهؤلاء واؤلئك هم الأحق بالشكر والتقدير.

من هو الرئيس القادم فى السودان وما هى التحديات التى تواجهه (3)

فى المقال السابق أوضحت ان فرصة مرشح المؤتمر الوطنى فى الفوز ضئيله للغايه وتأتى تقريبا فى المرتبة الرابعه بعدالأخ/ ياسر عرمان مرشح الحركه الشعبيه والسيد الصادق المهدى مرشح حزب الأمه والأستاذ/ حاتم السر مرشح الأتحادى الديمقراطى، حتى لو تم تزوير الأنتخابات بنسبة 30 % ، فاين يولى وجههم يومها كتبة السلاطين وحاملى الأبخره ومن ساهموا فى اطالة عمر الأنقاذ حتى اليوم اذا تم ذلك التغيير (المتوقع) الذى ينشده كافة اهل السودان بمن فيهم اؤلئك الذين يخرجون من أجل (الفرجه) ضمن الحشود الجماهيريه التى ينظمها ويصرف عليها ببذخ المؤتمر الوطنى بالسودان أو على سطح البواخر السياحيه الفاخره الراسيه على النيل فى بلد مثل مصر؟



(قيل أن الصحفى محمد طه محمد أحمد – رحمه الله - وقد كان من أصدق كوادر الحركة الأسلامويه مشى على طعام شهى بقدميه أعد على طاوله ممتد فى بيت احد القيادات الأسلامويه الثريه فى بداية عهد الأنقاذ، وخاطب الجمع قائلا بأننا لم نغير الأنظمه السابقه لنأتى ونملأ بطوننا بمثل هذا الطعام والشعب اغلبه من الجياع) !!
ثم نزل من الطاوله غاضبا واتجه صوب بيته وترك رفاقه يلتهمون طعامهم الشهى، ومن يومها ناله التهميش والأقصاء.



رحم الله محمد طه محمد أحمد وغفر له ، رغم اختلافنا معه فى حياته وهو الآن بين يدى ربه، ونشهد  بأنه كان صادقا، لكن لا أدرى ماذا كان سوف يقول لو كان حيا وشاهد  هذا الصرف البذخى والأحتفالات التى تستنزف الملايين، والنازحين فى دارفور ينامون فى العراء ويلتحفون السماء؟



الا يكفى سببا لسقوط مرشح المؤتمر الوطنى لرئاسة الجمهورية (البشير) ما اظهره من تهافت وفرح من أجل الكسب الأنتخابى باتفاق لم ينضج ولم يكتمل مع حركة العدل والمساواة ولا أدرى هل حصلت (الجمه) فى انجمينا أم اصر القوم  (المفتحين)على اتفاق عادل وشامل لا كما ظل يحدث فى كل مرة مع الأحزاب والحركات والفصائل المختلفه التى يفاوضها المؤتمر الوطنى وحده ويريدها متفرقه ومشتته يسهل افتراسها وكان السودان اصبح اقطاعيه وملك حر لهذا المؤتمر وقادته!



وليت (البشير) مرشح المؤتمر الوطنى حول الأمر يومها للقضاء كى يفرج عن المحكومين حتى يجعل المجتمع الدولى يشعر بهيبة ومكانه للقضاء السودانى الذى ربما يساعد فى ايجاد مخرج من المحكمه الجنائيه!



بصريح العباره نقول أن اسقاط مرشح المؤتمر الوطنى اى كان اسمه محك حقيقى وامتحان للشعب السودانى اذا كان راغبا حقيقة فى الوحده على اساس جديد واذا كان يشعر بخطورة انفصال الجنوب الذى سوف تلازمه مخاطر عديده هنا وهناك منها احتمال راجح لأنفصالات أخرى تبدأ بأقليم دارفور ومنها احتمال اندلاع حرب جديده ضروس لا تشبه الحروب الجهاديه السابقه بسبب عدم جدية المؤتمر فى الأنتهاء من الخلافات العالقه حول الحدود بين الشمال والجنوب بصورة نهائيه، ومنها أن البترول المستخرج الآن اغلبه يأتى من الجنوب وأن الشمال لا يساهم فى ميزانية الدوله الا بالفتات بعد أهمال الثروه الزراعيه والرعويه وتدنى الصادرات السودانيه بصورة مؤسفه.



واذا لم يحسن اهل الشمال السودان اختيار المرشح الذى يحقق معهم الوحده والسلام وسمحوا بتزوير الأنتخابات بنسبة تزيد عن ال 30 %، فسوف يكونوا مسوؤلين من كافة المشاكل التى تحدث فى المستقبل والأنهيار الذى يصيب الوطن بكامله وبدلا من خروج 10 مليون سودانى فى بلاد المهجر سوف يتضاعف العدد وربما يصل الى أكثر من النصف اذا تغلبت المطامع والمصالح الشخصيه الضيقه بدلا من الهم الوطنى ومكنوا مرشح المؤتمر الوطنى اى كان اسمه من الفوز فى الأنتخابات!



اما اذا ذهبت الأمور كما هو متوقع وسقط البشير فهذا وحده سبب يجعل (الوحده) ممكنه وحل مشكلة دارفور سهل وميسر، لكن تبقى التحديات التى تواجه الرئيس الجديد عديده وضخمه وجسيمه ويحتاج التغلب عليها الى مساهمة جميع المواطنين الشرفاء بفكرهم وجهدهم وكلما هو متاح من اجل البدء فى تأسيس دوله مؤسسات لا دوله حزب أو (مجموعه)!



ومن اهم الملفات التى تنتظر الرئيس الجديد هو ملف الوحده التى تعلو على اى هم آخر وكيف تكون تلك الوحده جاذبه بالخلاص نهائيا والى الأبد من الدوله الدينيه والتوجه بصدق نحو الدوله المدنيه دوله المواطنه دوله العداله والمساواة بين كافة المواطنين دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو الجهه.



ولقد ظللنا نردد فى أكثر من سانحه ، بأن من الأخطاء  والسلبيات التى صاحبت اتفاقية سلام نيفاشا التى اصبحت فوق الدستور انها ومثلما لم تنص صراحة على تشكيل حكومه قوميه تسبق الأنتخابات ومثلما لم تنص فورا على انشاء مفوضيه لمراقبة المال العام ومفوضيه للأعلام، فانها كذلك اخفقت فى وضع قانون يحاسب كل من لا يعمل من أجل الوحده ويدعو للأنفصال من امثال (الطيب مصطفى) و(نافع على نافع) أى كانت مناصبهم، فقضايا الوطن المصيريه لا يعقل ولا يجوز ان تترك فى ايدى مجموعه مستهتره متغطرسه تعيش فى عصور الظلام، والا لجاز لنا ان نصمت على من يدعون للتنازل عن الوطن بكامله لدوله أخرى!



ومن ضمن التحديات التى تواجه الرئيس الجديد أنه سوف يواجه بعدد غير قليل من المستفيدين من النظام (البائد) فى مختلف المؤسسات والقطاعات المدنيه وغير المدنيه وهؤلاء يجب رصدهم من الآن بواسطة المواطنين الشرفاء ولا ندعو للتعامل معهم بمثل الطريقه التى تعاملت بها الأنقاذ مع الشرفاء الأنقياء من اهل السودان الذين زجت بهم فى السجون وبيوت الأشباح وشردتهم بسيف الصالح العام دون رحمه أو رأفة ودون الأهتمام بمن يعولونهم من أهل واسر أو اطفال.



يجب تقديم كل مفسد الى محاكمات عادله تتاح فيها فرص الدفاع عن النفس والا يحرم اهل الفاسدين من مصروفاتهم ومعاشات ابنائهم حسب المسمى الوظيفه لا حسب ما كان يحصلون عليه تحت بند (التمكين)!



ومن خلال هذا البند شهدنا موظفين صغار يتميزون على من يفوقونهم خبرة ورتبه وسنين خدمه، ولعمرى هذا ظلم ما بعده ظلم لا يمكن ان يقره أى دين أو أخلاق.

الثلاثاء، مارس 16، 2010

من هو الرئيس القادم فى السودان وما هى التحديات التى تواجهه (2)

واهم الأنقاذى نافع على نافع لو ظن للحظه أن المطالبين بتأجيل الأنتخابات ينادون بذلك لأنهم يشعرون بان البشير وحزبه يمكن ان يحسموا نتيجة الأنتخابات لصالحهم حتى لو زورها بنسبة 30 % كما ذكرت فى المقال السابق.

والأنقاذى نافع على نافع .. وعلى طريقته التى يتحدث بها عن المعارضين لو علم الشعب السودانى البسيط حقيقة ما فعلوه بالوطن لتم صفع كل مرشح منهم فى اى دائره بذات الأداة التى استخدمها الصحفى العراقى (الزيدى) فى التنفيس عن غضبه تجاه ولى نعمتهم (بوش) الذى سلموا أجهزة مخابراته معلومات عن اخوانهم (الأسلامويين) أكثر مما يريدون أو يتوقعون، ولم يكتفوا بذلك الكرم الحاتمى بل فتحوا لهم سجونا سريه ضمن 66 دوله من دول العالم!

كنت اتحدث مع احد رجال الأعمال السودانيين عن موضوع السجون السريه هذه وهل يعقل مثل هذا الكلام فقال لى لا تستغرب فقد كنت موقوفا فى احدى مراكز الشرطه السودانيه ووجدت معى فى الحبس فلسطينيا له لحية كثة، فسألته عن سبب حجزه وهل ارتكب اى مخالفه، فنفى ذلك وقال لى انه لا يعلم سبب حجزه، فقلت فى سرى متسائلا والكلام لرجل الأعمال (هل اصبحت اللحيه الكثيفه التى سمحت بها الأنقاذ لأفراد الجيش والشرطه سببا تحتجز به اخوانهم فى الله)؟!

وقبل شهر أو أكثر شاهدت ندوه على احدى القنوات المصريه تتحدث عن الشأن السودانى فسألت مقدمة البرنامج ضيفها وهو احد الدبلوماسيين المصريين السابقين فى افريقيا ولعله عمل فى اثيوبيا عن محاولة أغتيال الرئيس المصرى فى اديس ابابا، فرد عليها قائلا (هذه مساله انتهت وأحد الذين شاركوا وخططوا لتلك الجريمه تم تحويله الى وزارة الزراعه أو الى شئ من هذ القبيل والحمد لله أنتهت المساله)!

واظن القارئ الكريم يعرف من يقصد ذلك الدبلوماسى دون أن نذكر اسمه.

وهل يعلم المواطن السودانى البسيط ما فعلته تلك المؤامره الغبيه بالشعب السودانى وكيف اضرت بالعلاقة التاريخيه بين البلدين؟ وما هو ثمنها ؟ واين هم السودانيين الذين شاركوا فى تلك العمليه؟

وأخير من هم المسوؤلين السودانيين الملطخه اياديهم فيها؟

أظن الشعب السودانى الطيب البسيط المتسامح الكريم لو عرف الأجابه عن تلك الأسئله لما فكر انقاذى واحد فى ترشيح نفسه لمنصب كبير أو صغير.

وللأسف لا زال الأنقاذى نافع على نافع يتعامل مع الوطن والمواطنين كاقطاعى من حقه ان يفعل ما يريد وأن يقول ما يريد وأن يحكم السودان لعشرين سنه أخرى، بل يرفض فى سخريه وازدراء حكومه قوميه تشرف على الأنتخابات وتجعلها نزيهه وديمقراطيه بدعوى ان من يشاركون فيها من الأحزاب الأخرى سوف يكونوا من العواجيز وكأنه (أحد طلاب المرحله) الثانويه لا من ضمن العواجيز؟

مع أن المساله فى غاية البساطه ويمكن ان يطرح اقتراح بأن يشارك فى الحكومه الجديده الشباب من كافة الفعاليات بقيادة (ياسر عرمان) فهل يرضى بذلك (نافع على نافع) أم يرفض لأن ياسر عرمان شيوعى كما يدعون؟

مع ان الشيوعيين لهم حزب معترف به من قبل لجتة الأحزاب، والشيوعيه لم تعد شتيمه أو سبه.

الذين ينادون بتأجيل الأنتخابات يا حضرة الأنقاذى، فى الحقيقه هم وطنيون شرفاء يدركون جيدا الماءلات والمخاطر التى تحيق بالوطن ومن اهمها الأنفصال القادم بقوه طالما ظل المؤتمر الوطنى متشبثا بالحكم وسوف تتبعه العديد من الأنفصالات ، أعلم ان نافع وجماعته لا يهمهم ذلك فى شئ ولولا ذلك لما عرضوا الوطن للخطر فى كثير من المواقف الصبيانيه الطائشه مثل مؤامرة اديس ابابا الفاشله والتى تمثل عار فى تاريخ السودان النظيف.

وهم فى جانب يرددون مخادعين الجماهير البسيطه (هى لله) ويضيف البشير منتشيا (في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء .. لا لحزب قد عملنا نحن للدين فداء ... فليدم للدين مجد أو ترق كل الدماء(!

ومن جانب آخر يبحثون عن رضاء الأمريكان بكل السبل وهذا ما اكده نافع على نافع نفسه خلال ندوه فى مركز الأهرام للدراسات السياسيه والأستراتيجيه ذات يوم حينما قال: (نحنا الأمريكان ديل ما عرفنا عائزين مننا شنو .. قدمنا ليهم اى شئ ما نفع هم فى الحقيقه عائزين كل شئ وهذا لا يمكن)!

لذلك ومن أخطر التحديات التى تواجه الرئيس القادم للسودان ودون شك ليس هو عمر البشير أنه سوف يجد المجتمع السودانى الذى يحكمه فى غالب مرافقه العسكريه والمدنيه قد تشكل ممن هم فى مثل عقلية نافع على النافع (الغايه تبرر الوسيله)، بعد أن تخلصت الأنقاذ من خصومها الظاهرين وشردتهم وحولتهم الى لاجئين ونازحين، ولم تكتف بذلك بل الحقت بهم كل من لا ينتمى لها وكل من لا تثق فيه حتى لو كان صاحب (كشك لبيع السجائر).

فكيف يتعامل الرئيس القادم مع مثل هذه الظروف ومثل هذه التحديات، وهم لن يتورعوا ويمكن ان يفعلوا كل شئ وأى شئ لأضعافه حتى لو وصل بهم الأمر ان يشتروا السلع التموينيه ويقذفوا بها فى البحر؟!

هذا ما سوف نستعرضه فى الجزء القادم باذن الله