الجمعة، يوليو 22، 2011

فى رحاب ام درمان (2) .. وأغنية (ثم ضاع الأمس منى)!


  
   ثم ضاع الأمس منا
                                  
حكمتى المفضله :-
"من لا ينتمى الى أم درمان .. أو لا يحترم أهلها، فعليه بتكملة نصف سودانيته".
ولا شئ عنصرى!!!
_________________________________

"أم درمان بقعة الأصالة والتراث والتاريخ"

هذا عنوان كتاب للمؤرخ الأم درماني بروفسير (أحمد إبراهيم دياب) تناول فيه أم درمان تناول كامل بدء من التسمية ومرورا بأحيائها وصولا لشخصياتها.

التسمية:
"أم درمان" هذة الكتابة الصحيحة للكلمة وليس الشائع "أمدرمان".

أم درمان كموقع قديم أسمها أمتداد من حضارة الشهيناب، أما كأسم فالأسم نوبي عنجي علوي نسبة لمملكة علوة وعاصمتهم سوبا وقد كان أسم درمان Derman منتشر بينهم.
وقد كانت هناك سيدة من نوبية علوية تسكن في المشرع التجاري أو الموردة ولديها أبن يدعى "درمان" فكان الذين يفدون للتجارة في هذة المنطقة يطلقون عليها أسم أم درمان أي والدة درمان تأدبا وتقديرا لها، وقد كانت أم درمان في تلك الفترة سوق صغير وملتقى لسكان غرب النيل الذين يأتون لبيع وتبادل بضائعهم مع سكان شواطئ النيل.

وجاءت دولة الفونج ''مملكة سنار'' على أنقاض مملكة علوة وأصبحت أم درمان سوقا تجاريا تمر به القوافل القادمة من سنار في طريقها لدنقلا شمالا لتلتقي بدرب الأربعين وكانت تأتي بشارع الشنقيطي حاليا شارع دنقلا سابقا وهو إمتداد لشارع الأربعين والذي يمتد ليصل للفتيحاب ويستمر جنوبا حتى سنار وأستمرت أم درمان طوال الفترة الفونجية ملتقى تجاريا.

ويروي التونسي محمد بن عمر في كتابه ''تشحيذ الأذهان في سيرة بلاد العرب والسودان'' صفحة 379: '' أن السلطان تيراب بعد أنتصاره على العبدلاب نزل في أم درمان وأخذ يستعد للزحف على سنار فوجد النيل في طريقه وعرضه 600 متر ولم يكن لديه من المراكب والمعدات اللازمة لأجتياز النيل فبقى هناك أشهر يدبر الوسائل لأجتيازه فلم يفلح وبقي في أم درمان حتى مرض فحملوه وعادوا به لدارفور إلا أنه مات في الطريق ''

وقد كانت كل من أم درمان والخرطوم قرى موجودة ومعروفة لدى أهل السودان قبل دخول الجيش التركي - المصري، ولكن أم درمان الفكرة والتاريخ ولدت مع المهدي والمهدية؛ فبدلا من مرسى وسوق وموردة وورش لصناعة المراكب .. قامت أم درمان البقعة المباركة التي أقامها الأمام المهدي والتي أنصهرت فيها القبائل والأجناس السودانية لتخلق الهوية والقومية والأصالة السودانية.

الثلاثاء، يوليو 19، 2011

فى محراب أم درمان (1) .. وأغنية (حرمان).

                      (حرمان)   

أم درمان كل زول فيها ممكن يكون شاعر أو فنان !!
هذه العبارة (الفنانه) جاءت على لسان (هاشم) ابن الراحل الفنان (الذرى) ابراهيم عوض خلال حلقة على قناة النيل ألأزرق فى قمة الروعة !!
لا أدرى لماذا كل شئ احبه مكتوب على أن ابتعد عنه (مدينة) أو (أمراة) واحاول أن اتناسى ذلك الشئ، وأن اهزمه بالتجاهل والا أتطرق لسيرته حتى لا تزيد شجونى وأحزانى لكنى فى نهاية المطاف أجد ذلك الشئ يحيط بى من جميع الجوانب وأجد نفسى مضطر للحديث أو الكتابة عنه!

و(ام درمان) .. من ضمن اؤلئك الأحبه، كلما تناسيتها وتجاهلتها عدت وكتبت عنها.
سبحان الله .. الزمن عد وفات ولم يتوقف شويه!!
تزوج ابراهيم عوض وهو فى سن متقدمه من (آل الحناوى) وهم جيراننا فى أم درمان، واذكر مثل الأمس القريب زواج ابراهيم عوض، لذلك اندهشت حينما شاهدت له ابنا كبيرا (ماشاء الله)، جالس يتحدث عن والده وعن أم درمان وسط عمالقه من أهل الفن والموسيقى.
بينهم (سيف الدين السوقى) الذى احبه واحب طريقة القائه للشعر خاصة (المصير) أو (تانى ما تقول انتهينا)، وبينهم الشاعر (عوض أحمد خليفه)، وبينهم الشاعر ( ابراهيم الرشيد) و(يازمن وقف شويه)، وبينهم العملاق (عبدالكريم الكابلى) وبينهم فنان شبابنا ومراهقتنا (زيدان ابراهيم) الذى يؤدى أغنية (يا خائن) كما قال (الكتاب).
وببينهم الموسيقار (عبداللطيف خضر) ود الحاوى و(أدينى رضاك قدامى سفر) .. وآخرين.

ود ابراهيم عوض (هاشم) تحدث عن ناس أم درمان وأهلها وانهم جميعا يتشابهون ، وتحدث عن (محنة) والده (ابراهيم) الذى يبكى عند مرض احد ابنائه ويبكى حينما يفرح، وذكرنى بأبن عمتى (هاشم) رحمه الله وهو أحد ظرفاء أم درمان ورمز من رموزها وكان مجلسهم امام (محلات هريدى) بالمحطة الوسطى بأم درمان، وكان (هاشم) كذلك حنينا مثل (ابراهيم عوض) يبكى حينما يستقبلك ويحتضنك وأنت عائد من السفر ويبكى حينما تسافر، ويبكى حينما تتزوج ويبكى حينما ترزق بطفل.

ولا أتصور أم درمان بدون (هاشم) الباشكاتب (ابو البنات) الذى ظل اصحابه ينادونه بتلك الكنيه حتى وفاته رغم انه أنجب بعد بنتين عدد من الأبناء الآن تعلموا وتقلدوا اوضاع ممتازه وأغلبهم مثل معظم أيناء أم درمان يعيشون غرباء خارج الوطن!!
(هاشم) رحمه الله من النوع الذى تهمه راحة الآخرين وسعادتهم أكثر من نفسه، ومن النوع الذى خلق لقضاء حوائج الناس (اهل) و(أصدقاء) و(معارف) وغيرهم.
لم يحدث أن اتصلت بهاشم الا وكلفنى بشئ لشخص محتاج ، كساء أو دواء .. لكنه لم يحدث قط أن طلب شيئا لنفسه!!
تحدث هاشم ابراهيم عوض عن محنة (والده) قذكرنى (بمحنة) هاشم ابن عمتى تومة ابى!!

أكملت الآن 9 سنوات بالتمام والكمال بعيدا عن (حبيبتى) الوفيه (ام درمان)، التى اشتاق لكل شئ فيها لريحة ترابها ولشوراعها وأزقتها ولنكهتها ولنهارها وليلها و(عفارها) وكهربتها (القاطعه)، ولريحة (الأبرى) فى رمضان و(لريحة) الكعك والخبيز فى العيد ولصوت (دلوكة) طالعه من بيت فيهو (تعليم) عروس أم درمانيه ولريحة (البخور) (والطلح) والصندل و (الشاف) .. وللشاف أم درمان زمان وللشافه (هسه)!
وسوف اعود متحدثا عن أم درمان مرة أخرى وعن هذه الخصوصية (الأم درمانيه) .. وأمرى لله.

الأحد، يوليو 17، 2011

أحتياج جنون لحظه ابراهيم عوض ... و ياغاية الآمال!

        

هل شعرت ذات يوم، بشوق شدييييد وأحتياج كبير لأنسان عزيز عليك.. حدثت بينك وبينه فجوه أو (مسافه)  أو (قصر فى حقك وأتلوم فيك)؟؟
هل شعرت بأفتقادك له، وأنت تدرك بأن حبل الود بينكما قد أنقطع - ربما - بلا عودة ؟
هذه الخاطرة .. أرهقتنى جدا ، وانا أستمع الى أغنيتن خالدتين (عزيز دنياى) و(يا خائن) .. مرة بأداء صاحبهما الأصلى الفنان الذرى ( أبراهيم عوض) ، ومرة اخرى باداء مشترك رائع من (زيدان أبراهيم) و (عمر الشاعر).
أبراهيم عوض – رحمه الله – كان لغزا محيرا جدا، فقد غنى بنفس قوة الصوت وطلاوته لثلاثة اجيال متعاقبه أى غنى فى زواج (الحبوية وألأم والبنت) .. والسؤال المحير كيف حافظ (أبراهيم عوض) على تلك الحلاوة والقوة فى الصوت، وحتى رحيله؟

أما (زيدان أبراهيم ) فعندما يغنى (لأبراهيم عوض) تشعر بان تلك ألأغنيات قد كتبت له وحده كى يغنيها كفنان وتشعر بأنه يعيشها فى نفسه كانسان باحث عن حب ضائع طول العمر !!
عندما أستمعت لمقطع من أغنية ( عزيز دنياى) للرائع/ الطاهر أبراهيم يقول فيه :-
بهرب منك لى رضاك
وبحاول من أجلك أنساك
أمهد ليك تتخلص منى
القى خطاى جمعتنى معاك
الى أن يقول :-
يا أعز عزيز فى دنياى أنا طامع ابقى عزيز دنياك
ومقطع من (يا خائن) للطاهر أبراهيم كذلك يقول :-
تحرمنى دون الناس أبتساماتك
بحروف من نار باقة كلماتك
يا المن عطفى اتجردت ذاتك من ذاتك
الى أن يقول :-
تهدم وتدنس تهدم ما تقدس
طهر صلاتى وتشيد سعادتك
من حطام حياتى
ياسبحان الله (العساكر) فى ذلك الزمان يكتبون مثل هذه الكلمات !!
من يملك مثل ذلك الأحساس لايمكن أن يرتكب مجازر ... أستمتعت بتلكم ألأغنيتين الرائعتين لعدة مرات ، وتوقفت عند عدة كلمات فيهما، وسألت نفسى بصدق أكثر من مرة وكلما رجعت وادرت جهاز التسجيل من جديد، تزدحم على الخواطر و(تجلدنى) الأسئله.

هل فى ذلك الشعور الغامر منقصة أو مذلة للنفس ؟؟
أن ينشغل البال والخاطر بحبيب أو صديق او عزيز أخطأ فى حقنا (قصر واتلوم فينا) دون ان يراجع نفسه ويعتذر هاتفيا او من خلال رسالة رقيقة ؟؟
ألا نشعر فى دواخلنا بنوع من (الململة) و(الخدر) ونكاد ان نبث أشواقه الينا نيابة عنه؟؟

لماذا نصر على ايهام أنفسنا وأقناع ذواتنا ، بأدعاءات كاذبه ... وبأننا شطبنا ذلك العزيز من تاريخ حياتنا الى الأبد ، واوقفنا جريان سيرته وأنسيابها داخل شرايينا؟؟
كيف ندعى ذلك ونحن نحسه ونشعر به يتخلل مساماتنا وخلايانا ؟؟
كيف نصدق اننا ما عدنا نهتم به وبذكرياته وببقاياه، وهو موجود وباق فى ذاكرتنا، كمايفعل جهاز الكمبيوتر؟

لماذا نتضايق من تصرفات البعض .. اؤلئك الذين افردنا لهم مساحة شاسعه أو (منطقه حره) داخل قلوبنا، لأنهم لا يحسون ولا يشعرون بنا ولا يعتذرون عما فعلوه فينا ؟
هل لابد أن يعاملوننا بالمثل وبنفس الشاعريه والخيالية وأن يحلقوا معنا نحو السحاب والقمر والنجوم والسماوات التى نحلق اليها بنفس أجنحة الشوق وألأحتياج ؟؟
وبنفس السرعة والأحساس ؟؟

انى أعترف ... وبصوت عال ... لقد كنت فى حالة طرب ونشوة زادت عن حدها (المعقول) نتيجة سماعى لأغنية (عيش معاى الحب) بصوت ملائكى رائع يحرض على البكاء، وتواصل ذلك الطرب من خلال أستماعى للأغنيتين (عزيز دنياى و (يا خائن).

أنى أعترف .. لقد غفرت للكثيرين لحظتها واشتقت للكثيرين وأشفقت على الكثيرين وأفتقدت واحتجت للكثيرين.
واعتذرت لهم عندى ، وكتبت بدلا عنهم خطابات (الى) ، رقيقة تمتلئ حبا وشوقا وحنينا وغلفتها (بظرف) مميز وأودعتها فى صندوق البريد أنتظر وصولها بلهفة (الى)، ,اخيرا وصلت أحدى تلك الرسائل الخاصه .. ياللمنى وبدأت أتشاغل وأتبأطا فى فك (ظرفها) وابحلق فيها مليا كى لا أنتهى من قراءتها بسرعة واخسر متعة اللحظة القادمه.

ثم قررت أن أحتفظ بالرسالة على ذلك النحو (غير المقروء)حتى أنتصاف الليل وهدأته، وتوضأت وصليت وتعطرت وكأنى على موعد غرامى، ثم فتحت النافذه واستشقت هواء منعشا ، وبعد ذلك بدأت فى فتح (الظرف) على قدر عال من الصبر والتمهل والتروى وعدم الأستعجال، ثم تركت الرسالة على سطح المنضدة، وذهبت وأوقدت نارا وصنعت لنفسى فنجان قهوة تركية (مظبوطه) ، وبعد أن رشفتها .. أحتضنت تلك الرسالة كوليد رضيع وفى رقة النسائم مررت على كلمات تلك الرساله الدافئه واحتفلت بها ونزل الدمع (فى داخلى) مدرارا، وتقبلت أعتذارا يا سيدتى كتبته نيابة عنك - لى، ونسيت فى لحظة (أنكسارى) تلك قرارا كنت قد أتخذته من قبل فى لحظة غضب وأنفعال، يقول :-
(لا تفاوض ولاصلح ولا تسامح)، وغفرت لك عندى.!!! فهل هذه ياترى:-
( بهرب منك لى رضاك وبحاول من أجلك أنساك) نفسها ؟؟
وهل تلك لحظة أنكسار مشروع؟؟


خاطرة أخيرة:-
هل للطرب الأصيل أثر أيجابي فى تغيير سلوك البشر وتحريضهم لأعلاء قيم الجمال والتسامح والغفران وأشتعال جذوة الحب والحنان ؟؟ أم هى حالة من حالات الجنون اللحظى ؟؟