الأحد، نوفمبر 22، 2009

الخاسر الأكبر هو نظام الأنقاذ .. لا شعب السودان ومصر يا الطيب مصطفى ؟!

تاج السر حسين – royalprince33@yahoo.com
أعلم جيدا ان عبارات بعض الأعلاميين المصريين أحبطت وأصابت فى مقتل الطيب مصطفى الذى يتحدث نيابة عن نظام الأنقاذ ويعبر بلسانه وقلمه عما يعجز نظام الأنقاذ التعبير عنه جهرا وصراحة، وهم يتبادلون صحيفته الصفراء واحاديثه الموغله فى العنصريه منتشين ومسرورين وهو يخادع بتنظيمه الضعيف المسمى (منبر السلام العادل)، وهو لا يعدو أكثر من (فرع) متشدد وعنصرى للمؤتمر الوطنى، ولا أدرى كيف يتحدث عن السلام من لا يؤمن به ؟
واذا كان الطيب مصطفى عادلا ومنصفا فمن يستحق الهجوم والنقد والتقريع، اعلاميين مصريين يحملون نفس فكره ويتحدثون بنفس لغته الأستفزازيه الكارهة التى يسئيون بها للعلاقة بين السودان ومصر مثلما يسئ هو للعلاقه بين الشمال والجنوب،أم نظام (بحاله) ضعيف ومهتر وجهت له الصفعات والأهانات على ذلك النحو المذل والمهين؟
الطيب مصطفى .. طعن فى ظهره قبل ان تطعن الأنقاذ فهذه العروبيه والأسلامويه التى يتشدق بها ويريد فرضها على السودان بلد الزنوج والأفارقه فى (الأصل) الذين اختلط بهم العرب لاحقا وشكلوا جميعا هوية جديده نعتز بها اسمها الهوية (السودانيه) ، وهم اصحاب اقدم الديانات فى التاريخ (كوشيه) ثم اعتنقوا بعد ذلك (المسيحيه والأسلام).
وهم الذين قال عنهم المسلمون (حاربنا قوم اشداء يجيدون الرمى بالنبال)، يعنى عرفوا (الكروز) قبل ان يصنع فى العصر الحديث.
طعن فى ظهره (الطيب مصطفى) الرافض لتعدد الثقافات واحترام جميع الأديان فى السودان على قدم المساواة والرافض لقيام دوله مدنيه أو بصرح العباره - لا دينيه - يمكن ان تحل جميع المشاكل السودانيه وتجعل الوحده جاذبه وممكنه.
أصيب الطيب مصطفى فى مقتل وهزمت فكرته الأستعلائيه من خلال مباراة فى كرة قدم !!
فما بالك اذا حدث فى الغد - لا سمح الله - أعتداء غبى وغاشم من اى جهة فى السودان على العماله المصريه أو على الشركات المصريه ؟؟ اتمنى ان تجاوب بعد أن تفكر مليا!!
الطيب مصطفى لا يعلم ان الخاسر الوحيد فى هذه الحادثه هو نظام الأنقاذ اذا استجاب النظام الرسمى المصرى لنبضات ومشاعر ورغبات وأمنيات الشعب السودانى فى الداخل والخارج ورأينا فى الغد تصريح رسمى من اصغر موظف فى وزارة الخارجيه المصريه قال فيه ان (مصر سوف تلتزم بالشرعيه الدوليه فى تعاملها مع الدول).
وقتها سوف يتغوط كثير من الرجال على ملابسهم – ماء- أو ما اصطلح على تسميته – اسهالا !!
لأنهم يدركون جيدا صعوبة التحرك هنا وهناك دون مصر ووقتها سوف يعلمون بأنهم محاصرين من جميع الجهات ولا تتبقى لهم سوى دول افريقيه قليلة لا تزيد عن اصابع اليد الواحده، لا نستبعد ان تنضم نفسها الى الألتزام بالشرعيه الدوليه فى التعامل مع نظام الأنقاذ اذا سبقتها مصر.
ويومها سوف يتعقل النظام وسوف يسعى بجدية لحل مشكلة دارفور وسوف يعملا من ان تكون الوحده جاذبه بين الشمال والجنوب وسوف يتخلى عن عنجهيته ومؤامراته المستمرة فى تقسيم الأحزاب والحركات وتفتيتها.
نحن نقدر لمصر رؤيتها وتقويمها الخاص للأمور وخشيتها من أن تعم الفوضى عند انهيار النظام فى السودان وأن يصبح السودان مثل الصومال وأن يتزائد النزوح واللجوء الذى تتاثر به مصر أكثر من غيرها، وان اختلفنا مع هذا الرؤيه، فالسودانيين قادرين على التماسك وعلى الحفاظ على وطنهم وأمنه وقد تأكد ذلك فى عدة تجارب.
نحن نقدر هذا جيدا، لكن الحقيقه لولا هذه المساندة المصريه ولولا الدعم فى المحافل الدوليه لنظام السودان رغم غدره بمصر من قبل ومشاركته فى محاولة اغتيال الرئيس المصرى فى أديس ابابا 1995 لأنهار نظام السودان فى اقل من شهر ولفكر السودانيون فى نظام بديل يحقق لهم طموحاتهم المشروعه ويؤسس لعلاقه جديده مع مصر قائمه على الحب والأحترام المتبادل والمصالح المشتركه دون طمع او استغلال.
لأعتبارات كثيره ظللنا نمسك لفترة طويله من الزمن عن هذه الرؤى ولا نطرحها على العلن تقديرا للكثير من الأمور، وفى ذات الوقت ظللنا نطلب من النخب الفكريه والثقافيه المصريه ان تفتح حوارا شفافا وصادقا وواضحا تحت عنوان (العلاقات السودانيه المصريه) يتم من خلاله استعراض نقاط الألتقاء والأختلاف، الأخطاء والسلبيات، الأطر السليمه لتصحيح هذه العلاقه ووضعها فى مسارها الصحيح.
لكن تسارع الأحداث وما افرزته تلك المباراة (المأساة) وما احدثته من شرخ بين الشعبين لا يمكن تجاهله ولا يمكن التعامل معه بترديد عبارات المجامله و(الصمت الحزين)، ويجب ان تعرض الحقيقه كما هى وان يعلمها الشعب المصرى والمثقفين المصريين مهما كانت مؤلمه وهى تمثل ردا على استغرابهم ودهشتهم (المشروعه) لعدم وقوف الجماهير السودانيه الى جانبهم على نحو كاف كما كانوا ينتظرون خلال لقاء المنتخب المصرى بشقيقه الجزائرى فى الخرطوم رغم ما للسودانيين بالمصريين من صلات رحم ودم وعلاقات متعدده ورغم ان مصر هى التى اختارت ارض السودان مكانا لأداء تلك المباراة (الكارثه).
والسبب هو شعور الشعب السودانى الذكى الواعى سياسيا رغم تفشى الأميه فيه، بظلم من ذوى القربى فى عدد من الأمور يأتى فى مقدمتها دعمه ومساندته غير المحدوده لنظام الخرطوم الذى يمثل عقبه فى طريق حل جميع المشاكل السودانيه مثل قضية دارفور والوحده بين الشمال والجنوب.
أمر طبيعى ان يهيمن نظام حاكم فى دوله من دول العالم الثالث على الأمور داخل وطنه لكن هل سمعتم بهيمنة نظام حاكم على الأمور وهو ظالم وفاشل وعنصرى واقصائى خارج بلده؟
هل تصدقوا ان من تمت استضافتهم من سودانيين فى القنوات الفضائيه المصريه قبل وبعد المباراة الكارثه اغلبهم ينتمون للزمرة الأسلامويه الأنقاذيه أو من يستفيدون منها وهم من يسئيون للعلاقات المصريه السودانيه حتى لو اظهروا خلاف ذلك؟
دعونى اعطيكم مثالا عن كراهية الشعب السودانى لهذا النظام الأسلاموى العنصرى البغيض، الذى كره الشعب السودانى حتى فى الأسماء الاسلاميه.
حكيت لأحد الأصدقاء السودانيين وهو مقيم داخل السودان عن ان صديق آخر عاد من دوله عربيه واستقر فى السودان واسس شركة لخدمات الحج والعمره واعطاها اسم (أسلامى) لعله دار الأئمان للحج والعمره.
فجاء رده مفاجئ وصادم لى حيث قال:-
لن ينجح هذا الشخص وسوف يفشل مشروعه ويخسر، فهؤلاء الأنقاذيين (كرهوا) السودانيين فى الدين!
الم تسمعوا بأن صحفية سودانيه منعت من السفر وكادت ان تجلد بسبب ارتدائها لبنطال ؟؟ وان أكثر من 40 الف أمراة جلدن لذلك السبب أو لسبب مقارب منه؟ وأن صبية فلسطينين جلدوا لأنهم يخزنون فى موبائلهم مشاهد من مسلسل تلفزيونى؟
هل هنلك ظلاميه اكثر من هذه؟ وهل شهد البشر خلال القرون الوسطى نظام بمثل هذا التخلف؟
هذه الحقيقه اخوتى المثقفين فى مصر أن شعب السودان لا يكره مصر ولا يبغضها وغالبية السودانيين تعلموا فى مصر وتخرجوا من جامعاتها وتربطهم علاقات دم ورحم بمصر .. والسودانيون ساندوا مصر فى كثير من المواقف وخلال بطولة كاس القارات الأخيره كنا تشاهد السودانيون على المقاهى الشعبيه والسياحيه فرحين مبسوطين يصفقون لمصر ولنتائجها وكان السودان هو الذى يلعب ويسجل الأنتصارات.
هذا هو شعور السودانيين تجاه مصر رغم عدم رضاءهم عن بعض التصرفات والتجاوزات التى تهين كرامتهم.
لكن الشعب السودانى عاتب على مصر من قبل فى دعمها لنظام دكتاتورى شمولى أذل الفكر والمفكرين ونصب لهم المشانق وهو نظام النميرى - رحمه الله - الذى أستمر فى الحكم لمدة 16 سنه، ثم انتهى نظام النميرى بخيره وشره وجاء نظام البشير وهو الآن جاثما على صدر الشعب السودانى لمدة زادت عن العشرين ولا زال طامعا فى البقاء لفترة أطول كما عبر رئيس مكتب المؤتمر الوطنى فى مصر فى (ذلة) لسان خلال احدى الندوات، وكل ذلك بدعم من مصر ومساندتها.
تخيلوا سادتى المثقفين المصريين، حزب حاكم فى بلده له مكاتب (سوبر لوكس) خارج الوطن، ثم بعد كل ذلك يتهمون المعارضه بانها معارضه فنادق 5 نجوم، مع ان المعارضين لا يكادون يوفرون لقمة عيشهم ويسكنون فى الأحياء الشعبيه!

ما حملنى لكتابة هذا الموضوع اضافة الى ما كتبه الأنقاذى الناكر - الطيب مصطفى – هو مااستمعت اليه خلال الأيام الماضيه لعدد من المفكرين والمثقفين المصريين يتساءلون عن لماذا تكرهنا الشعوب العربيه رغم كلما قدمناه لتلك الأمة من تضحيات، وتساءلوا من اين نبدأ لعلاج هذه المسائل؟
اقول لهم نعم مصر قدمت الكثير للأمة العربيه ولا ينكر هذا الأمر غير جاحد، والكراهية غير موجهة للشعب المصرى أو لمصر وانما لمواقف يجب ان تعيد مصر حساباتها فيها.
وبالنسبة لنا كسودانيين تهمنا مصلحة وطننا ، نقول على مصر ان تعلن بانها اختارت الأنحياز للشعب السودانى لا للنظام السودانى وأن مصر سوف تلتزم بقررات الشرعيه الدوليه، ثم ارسلوا بعد ذلك المنتخب المصرى لتجدوا الشعب السودانى كله يقف خلفه، فالشعب البسيط هو الذى يدعم وهو الذى يشجع لا النظام المعزول الجاثم على صدر شعبه بقوة السلاح وبالقمع والبطش رغم انه لم يكن قادرا على توفير الحمايه بصورة كافيه لجماهير حضرت للسودان لمشاهدة مباراة فى كرة القدم لم يزد عددها عن 20 الف شخص، ونحن نعلم ان الكثيرين جاملوا نتيجة لما وجدوه من كرم من اخوانهم فى السودان وهذا غير مستغرب شعب السودان المرزوء بنظام لا يشبه طباعه.
وأخيرا:-
* لماذا لا يضاف اسم الطيب مصطفى للذين يجب ان تحاكمهم المحكمه الجنائيه الدوليه، الا تستحق الكراهية والبغض والحقد والدعوات المسمومه الى احكام رادعه؟
* الا يطارد الكثيرون من قبل اليهود فى جميع انحاء العالم ويقدمونهم للمحاكم الجنائيه أو الشعبيه بدعوى كراهية الساميه؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق