هذه الوحده الحقيقيه
كلما مررت على مقال مكتوب أو برنامج مذاع يتحدث عن المطالبه بتحكيم التشريعات الأسلاميه وفرضها على كافة المواطنين فى بلد مثل السودان متعدد الأديان والثقافات فى وقت تجد فيه المسلمين أنفسهم غير متفقين جميعا على مذهب واحد أو فكر واحد فمن بينهم الصوفى والوهابى والشيعى والمالكى والشافعى والحنبلى .. الا وتعجبت لهؤلاء الذين يرضون لدينهم ان (يتمرمط) فى وحل السياسه - دون وعى - وهم يظنون بأنهم يفعلون خيرا وينالون رضاء الخالق، وما هو اشد غرابه من ذلك انهم ليس اكثر وعيا أو ذكاء أو ثقافة أو تدينا من الآخرين حتى يفرضوا ارادتهم ورغبتهم على باقى خلق الله، الذين اراد لهم رب العزه أن يولدوا فى بلد متعدد الأديان ومختلف الثقافات.
وفى عالم اليوم الذى ينشد العدل والمساواة بصوره مطلقه وتبوأت فيه المرأة اعلى المناصب حتى أصبحت رئيسة جمهورية ورئيسة وزراء وقاضيه فى كثير من البلدان اسلاميه وغير أسلاميه وتسافر تلك المرأة لوحدها دون محرم فوق ثلاثه ليال بل ربما أكثر من ذلك، ماذا يفعل المسلمون لو طالبت مجموعه مسيحيه بتحكيم دينها وتعاليمها أو بتاسيس حزب اسمه (الأخوان المسيحيون)؟ طالما يطالب المسلمون بتحكيم شرعهم وبتأسيس احزاب تحت اسم الأخوان المسلمون؟
للأسف يأتى الرد عادة من طرف (أسلاموى) ومن بين الذين لا يؤمنون بالعدل والمساواة بين الناس ويقولون بأن المسيحيه ليس فيها تشريعات يمكن أن تنظم حياة الناس.
وهذا خطأ كبير لأنه من السهل جدا أن يقول لك مسيحى تعاليمنا المسيحيه تقول (من لطمك على خدك الأيسر فأدر له الأيمن كذلك) و(من سخرك يل فسر معه ميلين) ومن (نزع قميصك فأترك له رداءك كذلك)وبحسب هذا الفهم يجب الا يحاكم المجرمين والمعتدين بل يجب ان يصفح عنهم ويغفر لهم وتصبح الدنيا فوضى،.
ولذلك اقول ونحن مسلمون نشهد بالا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ، ونعتقد بأن الاسلام ليس هو (غرة صلاة) ولا سبحه فى اليد ولا بنك اسلامى أو اتوبيس أسلامى، هو فى الحقيقه دين عظيم اساء اليه من لا يفهمونه جيدا متطرفين وغير متطرفين، خاصة الذين غرست فى دواخلهم الأنانيه وحب النفس والسيطره على الآخرين.
ونحن نتمنى ونعمل والى ان يصل للسطه و لكل مرفق عام هام، شخص كفوء (متدين) لا أن تحكمنا (دوله دينيه) ، وهذا فرق كبير.
فالشخص المتدين اى كان دينه انسان على خلق، صادق، طاهر اليد، عفيف اللسان لا يقبل الرشوه ولا يقدمها للآخرين، يلتزم بمواعيده ، عادل ، بشوش ، كريم، متسامح ، يخشى الله فى الناس وفى نفسه لا يظلم ولا يجامل ذوى القربى والفكر المشترك ، ولا يهمش البعيدين والمخالفين معه فى الرأى.
وتعريف السياسه كما معلوم هى (فن الممكن) ، ويقال فى السياسه لا يوجد صديق دائم أو عدو دائم، ويقال تقوم السياسة على المصالح، بينما (الدين) معانى سام وقيم رفيعه ومثاليه، يهتم بالجانب الأخلاقى ويدعو للتمسك بالمبادئ .
ولكى يكون الأمر واضحا ، ويسهل التمييز بين القيادى (المتدين) و(الدوله الدينيه) فأننا نجد نظام الأنقاذ كمثال يدعى تمسكا بتطبيق الشريعه الأسلاميه وله علاقات مميزه بنظام الحكم فى مصر، وفى ذات الوقت هو مساند لحركة حماس فى فلسطين بينما النظام المصرى علاقته اقوى مع حركة فتح التى تحكم رام الله وكان فى عدواة شديده مع حركة حماس، بل أن النظام المصرى اعلن بصراحه انه لن يقبل بقيام امارة اسلاميه فى حدوده الشرقيه وهو يعنى بأنه لن يسمح لحماس أن تفرض سلطانها على كل فلسطين.
وكذلك لا يخفى على الكثيرين ان نظام الأنقاذ له علاقات متينه مع حزب الله فى لبنان ومع ايران بينما نجد مصر التى تسانده وتدعمه فى عداوة مع حزب الله ومع ايران.
وما هو اعجب من ذلك كله ويثير الضحك فأننا نجد نظام الأنقاذ يقيم علاقات متينه وقويه مع الحزب الشيوعى الصينى الذى يحارب المسلمين فى بلده وله شراكه بتروليه قويه مع ذلك البلد المحكوم بالحزب الشيوعى، وفى ذات الوقت نظام الأنقاذ يلصق تهمة الأنتماء (للشيوعيه) ان كانت تلك تهمه بمن يعارضونه فى السودان حتى لو كبروا وصلوا!
وكما ذكرت اعلاه فاننا لم نلاحظ مطلقا لأى مسيحى طالب فى يوم من الأيام بأن تحكم ديانته حتى لو كان فى بلد اغلبيته من المسيحيين وهذا ذكاء مؤكد.
حيث لا يمكن لعاقل أن يجعل قيم دينه الخالده تخوض فى وحل السياسه المتقلبة المزاج مع فكر انسانى مثل (العلمانيه) أو الأشتراكيه أو الليبراليه أو الديمقراطيه، فهذا كله قيم انسانيه توصل لها الأنسان من خلال التجربه والعلم، ولذك على المتدينين المسلمين ان يبتدعوا فكرا انسانيا يعبر عن افكارهم ويطرح للناس لكى يعملوا به حتى اذا اخطاءوا ينسب الخطأ لفكرهم الأنسانى هذا لا لدينهم، والدين علاقه تعبديه فى اساسها (فرديه) تقتضى الشفافيه والمصداقيه وهذا ما لم يحدث فى اى نظام طبق نظام حكم دينى فى اى عصر من العصور.
وأسهل مبرر أو وسيلة يجد فيها المسلمون مخرجا حينما يفشلون ويعجزون هو القول بأن التطبيق خاطئ لكن التشريع غير خاطئ.
وهذه كلمة حق اريد بها باطل وتحتاج للكثير من التوضيح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق